https://algooru.com/لماذا نحتاج بصفتنا كتّاب محتوى إلى تعلّم استراتيجيات قرائية؟
لأنّنا نغرق يوميًّا في كم هائل من النصوص المكتوبة؛
- فنحن نقرأ للتعلّم ومواكبة الجديد في مجال متسارع المعرفة كمجال كتابة المحتوى،
- ونقرأ من أجل البحث عن المصادر التي نحتاجها للكتابة، ثم نقرأ مرة أخرى للاستفادة منها.
- بالإضافة إلى أنّنا نقرأ لمجاراة ما يُكتب في مواقع التواصل الاجتماعي؛ للتفاعل والمتعة والفائدة.
وفي كل أنواع القراءة تلك نطمح إلى تحقيق أكبر فائدة في أقصر وقت؛ لذلك نحتاج إلى تعلّم استراتيجيات قرائية تساعدنا في التعامل مع النصوص بمهارة، وأن تكون بمثابة أدوات نتقن استخدامها وننتقيها وفق طبيعة النص والهدف من قراءته كما ينتقي الفنّي الماهر الأداة المناسبة من “شنطة العدة” ليستخدمَها باحترافية لإنجاز عمله بإبداع في وقت قصير.
كيف تستفيد من استراتيجيات القراءة الفاعلة؟
هناك العديد من الفوائد، ومن أبرزها:
- التعلّم: فهي تساعدك في زيادة الحصيلة المعرفية والحفاظ عليها وعدم نسيانها بسهولة، والوصول إلى فهم واستيعاب عميقين لما تقرأ، وتأسيس قاعدة معرفية متينة لمواصلة تعلّمك وبناء خبرتك الخاصة.
- الاستفادة المثلى من المصادر: تعينُك في اختيار المصادر التي تحتاجها للكتابة، وفي تحديد ما ستحتاجه من مصدر ما حتى لا تغرق في طوفان المعلومات والكلمات. مما يدعمك في كتابة محتوى مميز وثري يجد القرّاء فيه ضالّتهم.
- تحسّن تعاملك مع النصوص التي تعرض لك باستمرار، مثل منشورات مواقع التواصل والنشرات البريدية والرسائل التسويقية وخلافه، ومن ثَمّ:
- تتّخذ قرارات مناسبة بشأن النص، فتسأل نفسك على سبيل المثال: هل يفيدني؟ وهل هو جدير بالحفظ والعودة إليها لاحقاً؟ مما يحفظ وقتك.
- تتفاعل مع ما تقرأ بطريقة تفيدك، ومن ذلك التفاعل مع تغريدات تويتر بما يوضحّ شخصيتك الفريدة للجمهور، ويسهم في تعزيز وجودك الرقمي وعلامتك الشخصية.
ودعوني أخبركم شيئًا عن مصدر هذه الاستراتيجيات،
هذه الاستراتيجيات التي أعرضها لكم ليست وليدة البحث في المراجع أو المقالات، وإنّما أحضرتها معي من مجال التعليم الذي كنتُ أعمل فيه، وقد حاولتُ تكييفها ليستفيد منها كاتب المحتوى، وأسأل الله أن أكون وُفّقتُ في ذلك.
دعونا الآن نتعرّف على الاستراتيجيات القرائية التي اخترتُها لكم
الاستراتيجية الأولى: تنال القمر
تساعد هذه الاستراتيجية في فهم واستيعاب النص الذي ستقرؤه، وترفع مستوى التركيز والانتباه أثناء القراءة.
وهي تناسب النصوص التي لها عنوان، ويشترط في ذلك العنوان أن يكون دالًّا على موضوع النص.
ومن أمثلة تلك النصوص التي يمكنك استخدام استراتيجية تنال القمر في قراءتها:
- الكتب وفصول الكتب.
- المقالات.
- سلاسل التغريدات والتي تُعرف بـ الثريد (Thread)، ويشترط أن يكون لها عنوان.
وقد لا تناسب النشرات البريدية التي غالبًا ما تحمل عناوين تشويقية قد تكون مبهمة وغامضة.
خطوات استراتيجية تنال القمر
بداية من الضروري أن أوضّح لكَ أنّ استراتيجية تنال القمر(١) يجب أن تستخدمها مع نص تقرؤه لأوّل مرّة وليس لديك فكرة عن محتواه؛ لأنّها تنطلق من التنبؤ بمحتوى القطعة من خلال قراءة جملة العنوان.
تتكون استراتيجية تنال القمر من خمس خطوات، وكل خطوة فيها تبدأ بحرف من حروف “تنال القمر”، وهناك خطوة أولية تبدأ بها الاستراتيجية وهي أن تقرأ عنوان النص وتتأمّله ثم تسير على الخطوات التالية:
- تنبأ: بمحتوى المقالة-من خلال قراءتك للعنوان- واسأل نفسك عمّا تتوقّع أن تجده فيها، وما المعلومات التي ستضيفها لك؟ أعطِ نفسك وقتًا مناسبًا لذلك.
- نظّم: توقعّاتك من معلومات وأفكار في خريطة ذهنية أو مخطّط بصري. ومن أمثلة تلك المخطّطات: المخطّط الشجري، والتسلْسلي والمقارنة.
- اِبحثْ: ويُقصد بـ ابحث أن تقرأ المقالة وتبحث عن توقعّاتك، ثم تقارنها بما وجدتَه في النصّ، ستلاحظ أنك أصبحتَ أكثر تركيزًا وأنّ قراءتك أضْحتْ موجّهة نحو أهداف معيّنة.
- لخّص: التلخيص هنا يكون لأفكار المقالة بحيث تُرتبها في أفكار رئيسة وجزئية، وتستخدم خريطة ذهنية أو مخطط بصري مناسبة لذلك.
- قيّم: الآن قارن بين خريطتك التي أنشأتها بناء على توقّعاتك في مرحلة (نظّم)، بالخريطة الذهنية لأفكار المقالة في مرحلة (لخّص)، وابحث عن نقاط التطابق والاختلاف.
مقترح لتطبيق استراتيجية تنال القمر
لتطبيق هذه الاستراتيجية أقترحُ عليك هذه المقالة بعنوان: ما الفرق بين كتابة المحتوى وكتابة الإعلانات؟ ، وهي جيّدة للتدريب، فهي منظّمة وبلغة إنجليزية واضحة.
ولآن المقالة تسأل عن الفرق بين نوعين من الكتابة؛ فإنّ المخطط البصري المناسب هو مخطط المقارنة، وهو عبارة عن شكل فن لدائرتين متداخلتين.
متى يمكنك استخدام استراتيجية تنال القمر؟
تستطيع استخدامها في التعلّم أو أثناء القراءة في المصادر؛ لكن دعني أحدّثُك عن طريقتي المفضّلة في استخدامها.
وفي واقع الأمر فإنّي أستخدمها بطريقة مختصرة وسريعة عندما أبحثُ عن أفكارٍِ جديدة وغير مكرّرة تثري المقالة التي أعملُ عليها، ولا أريد أن أضيع وأتشتّت في المصادر بسبب الصياغات المتعدّدة للفكرة الواحدة.
وحتى أتّخذ قرارًا صحيحًا بشأن تصفية المقالات وتحديد ما سأستفيد منه من تلك المصادر فإنّي أفعّل استراتيجية تنال القمر.
فعندما اكتب الكلمات المفتاحية لمقالتي في محرك البحث، وتظهر لي في صفحة النتائج مقالات ذات علاقة بما أبحث عنه، فإنّي أمسكُ تلك المقالات واحدةََ واحدة، وأطبّق عليها الخطوات التالية:
- أنظر إلى العنوان وأتأمّلُ فيه،
- ثم أضع توقّعات عمّا سأجده بدلالة العنوان وما أعرفه عن الموضوع،
- وأحاول أن أصف تلك التوقّعات بكلمات دقيقة، حتى إذا قرأت المصدر ألحظُ التباين، فإمّا:
- أن تُفاجئني المقالة بمعلومات وأفكار جديدة أو تنظيم مبتكر أو غير ذلك، وتبرزُ الأفكار بوضوح بسبب التوقّعات المسبقة.
- أو أن تُرضيني بموافقة بعض استنتاجاتي وتأمّلاتي حول الموضوع التي لم أجد لها مصدرًا يؤيدها.
- أو أقرّر بأنّها لا تحوي جديدًا يُستفاد منه، ولا أعود إليها.
💡
هذه كانت طريقتي في استخدام استراتيجية “تنال القمر”،
فماذا عنك؟ وما توقّعاتك لاستخدامها؟
الاستراتيجية الثانية: القراءة الفاعلة
قد تكون قد قرأت هذا المسمّى من قبل أعني “القراءة الفاعلة”، لكنّني أزعم أن ما سأعرضه مختلف عما هو موجود عن الإنترنت.
يمكنك استخدام استراتيجية القراءة الفاعلة (٢) مع جميع النّصوص:
- كتاب، فصل من كتاب
- قصّة
- مقالة
- نشرة بريدية
- منشور على تويتر أو انستغرام، أو غير ذلك.
خطوات استراتيجية “القراءة الفاعلة”
تتمثّل استراتيجية القراءة الفاعلة في الإجابة عن ثلاثة أسئلة تطرحها على نفسك بعد قراءة النص، وهناك صيغتان لتلك الأسئلة.
الصيغة الأولى
- ما الذي أعجبني؟ ولماذا؟
- ما الذي لم يعجبني؟ ولماذا؟
- ما الأمر المثير والملفت للنّظر فيما قرأت؟
الصيغة الثانية
- ما الذي أتّفق معه؟ ولماذا؟
- ما الذي أختلفُ معه؟ ولماذا؟
- ما التساؤلات الذي يثيرها النص في ذهني؟
مقترح لتطبيق استراتيجية القراءة الفاعلة
أقترحُ عليك أن تعود للمقالة السابقة ما الفرق بين كتابة المحتوى وكتابة الإعلانات؟ وتطبّق عليها بإحدى الصيغتين.
اخترتُ هذه المقالة لأن هذا الموضوع يطرح بين الفينة والأخرى في تويتر، والتفاعل معها بالنقد والتقييم من خلال هذه الأسئلة يتيح لك تكوين مفهومك الخاص للفروقات بين كتابة الإعلانات وكتابة المحتوى.
أين يمكننا استخدام استراتيجية القراءة الفاعلة؟
لا أريد أن أُحجّر واسعًا؛ فيمكنك استخدامها مع جميع النصوص، لكن دعني أعرض بعض الأفكار لاستخدامها:
- يساعد هذا النوع من الأسئلة في التفاعل مع المقروء وإنتاج أفكار جديدة؛ لذا قد يفيدك في الحصول على موضوعات جديدة للكتابة.
- تستطيع من خلالها أن تنقُد وتقيّم سلاسل التغريدات في تويتر مثلًا، وتقرّر ما إذا كانت جديرة بالحفظ والعودة إليها؟
- تفيد القراءة في تحليل وتقييم أنواع قطع المحتوى المختلفة ومنها الإعلانات، وقد يشمل ذلك التحليل: الأفكار، واللغة، المفردات والتراكيب، وتنظيم النص أو غير ذلك.
💡
ماذا عنك؟
هل خطر لك أن تستخدم استراتيجية القراءة الفاعلة لهدف قرائي معيّن؟
شاركنا
الاستراتيجية الثالثة: طريقة (SQ3R)
هذه استراتيجية معروفة في برامج التعلّم الذاتي، وتعرف أيضًا باسم القراءة من أجل الدراسة، وهي تمثّل طريقة منظّمة للوصول إلى فهم واستيعاب النص المقروء.
خطوات تطبيق استراتيجية طريقة (SQ3R)
سمّيت هكذا اختصارا بدلالة الأحرف الأولى لخطواتها الخمسة (٣):
- اطّلع (Survey): استطلع المادة القرائية بقراءة سريعة، بهدف تكوين فكرة عامة، وانتبه إلى العناوين والصور والأشكال والمصطلحات الأساسية.
- استفسر أو اسأل (Question): بناء على استطلاع المادة، اطرح أسئلة تريد من المادة القرائية أن تجيب عليه؛ لتجعل قراءتك هادفة، استخدم: من؟ ماذا؟ متى؟ أين؟ كيف؟ لماذا؟
- اقرأ (Read): اقرأ النص بانتباه، وركّز على الأجزاء ذات الصلة بأسئلتك وأهداف قراءتك. ولا تتوقّف عند الكلمات والمصطلحات والأفكار الصعبة أو الغريبة أو تأخذ ملاحظات.
- تذكّر و استرجع (Recite): في هذه الخطوة حاول تذكر النقاط أو المعلومات التي تحصّلت عليها، واستدعاء كل التفاصيل المهمة التي ترتبط بأسئلتك وأهداف قراءتك. اكتب موجزًا لما تحصّلت عليه دون النظر إلى المادة القرائية، ولا تقلق إن لم تتذكّر كثيرا مما قرأت.(٤)
- راجع (Review): عُدْ للنص للمراجعة، اقرأه مرة أخرى وقارنه بما استذكرته. راجع تعلّمك، وقيّم قدرتك على الاستدعاء بدقة وترابط ووضوح، واكتشف بنفسك أية ثغرات فيما تعلّمته واحصل على تقويم فوري يساعدك في تثبيت المعلومات بالطريقة المناسبة.
مقترح لتطبيق استراتيجية SQ3R
اقترح عليك أن تطبّق هذه استراتيجية SQ3R على مقالتنا هذه بعد الانتهاء منها؛ سيساعدك ذلك في استيعاب مفهوم الاستراتيجيات القرائية، واسترجاع فوائدها والمواضع القرائية المقترحة لكل منها، وتثبيت خطواتها في ذهنك، ومن ثمّ استخدامها بصورة صحيحة.
أين تستخدم استراتيجية SQ3R ؟
تستخدم عادة مع المواد القرائية التعليمية وما في حكمها، ويمكن تطبيقها على فصل من كتاب، أو حتى على عنوان معيّن داخل مقرّر ما، أو مقالة مرجعية منظّمة في موضوع ما. وهي مفيدة لاستيعاب وفهم مادة قرائية بهدف عرضها وتلخيصها.
💡
يا ترى،
أين خطر ببالك أن تستخدمها؟
وقتك الثمين يستحقّ استراتيجيات قرائية تحافظ عليه
دعْني الآن أُلخّصُ لك الموضوع،
فقد عرضتُ لك ثلاث استراتيجيات فعّالة للقراءة تفيدك بصفتك كاتب محتوى في تعاملك مع مختلف النصوص لتحقيق أهدافك منها؛ سواء كانت للتعلّم أو للبحث عن المصادر أو للتواصل ومجاراة النصوص التي تعرض لنا.
وكانت تلك الاستراتيجيات:
- استراتيجية تنال القمر
- استراتيجية القراءة الفاعلة
- استراتيجة SQ3R
💡
وقد يقول قائلٌ إنّه يستخدم بعضًا من هذه الطرق في القراءة ولا حاجة للمسمّيات والخطوات، فأقول له:
ليس بمستغرب أن يستخدم أحدُنا شيئًا مما سبق بصورة ضمنية، لكنّنا قد نعرف شيئًا ويغيبُ عن شيٌ آخر، وقد نعرِف طريقةً ولكن بصورة جزئية فلا نستفيد استفادة كاملة منها.
بالإضافة إلى أنّ معرفة استراتيجية أو طريقة باسمها وخطواتها وفوائدها يساعد كثيرًا في تثبيتها في خبرتنا، والتعامل معها، واستدعائها وقتما نشاء وتطبيقها بأفضل صورة.
وفي الختام
أُشجّعك على اختيار واحدة من هذه الاستراتيجيات والبدء بتطبيقها مباشرة،
- ففي المرة الأولى للتطبيق ستُثبّت المعرفة في ذهنك، وقد تستحضرها إذا احتجت لها،
- بينما إذا طبقتها مرة ثانية فإنك ستسير على طريق تثبيت المهارة،
- أما التطبيق الثالث فسيؤسس لبداية الاستخدام التلقائي لها.
وشيئًا فشيئًا ستنسى أنك تتبع استراتيجية وخطوات، وستجني فوائد جمّة تدعم تطوّرك في كتابة المحتوى والتّعامل مع النصوص الكتابية المختلفة.
وليكنْ أوّل تدريبٍ لك على مقالتنا هذه التي بين يديك
طبّق عليها استراتيجية القراءة الفاعلة
وأخضعها للنقد والتقييم
ولا تنسَ أن تشاركنا رأيك في التعليقات
الهوامش
(١) تستخدم استراتيجية تنال القمر في التعليم خاصّة في المراحلة الابتدائية لتدريب الطلاب على مهارات فهم المقروء.
(٢) مصدر هذه الاستراتيجية هو دورة تدريبية حضرتُها في مكتب التعليم بعنوان استراتيجيات الاستماع الفعّال، واستخدمتها هنا مع القراءة، لأن كلاهما مهارة استقبالية، القراءة بالبصر والاستماع بالأذن، وأمّا العمليات العقلية مع المادة المستقبلة فهي متشابهة.
(٣) كتاب كفايات التعلم الذاتي، مقرر GR101، الجامعة العربية المفتوحة 2003، ص ١٩٢،
(٤) معظم الناس ينسون 50٪ مما يقرؤن خلال ثوان فقط من تركهم الكتاب، إلّا إذا حاولوا تذكّرها وتثبيتها في البنية العقلية، لتصبح المهارات أو المعلومات المكتسبة جزءًا منها. ولهذا جاءت هذه الخطوة لتثبيته في الذاكرة وجعله جزءًا لا يتجزّأ من مخزونك العقلي ومن حصيلتك المعرفية.