المدونات ينبغي أن تكون ممتعة!
Edit Content
نبذة عنّي
كاتبة المحتوى مريم بازرعة
مريم بازرعة

على مدى عشرين عامًا درستُ اللغة العربية وعملتُ في مجال التّعليم والتّدريب وخضتُ كتابة المحتوى.

والآن، اخترتُ أن تكون الكتابة حياتي ووسيلتي لنشر المعرفة وأن أساعد من يريد تعلّم الكتابة الرّقميّة لإتقانها ولتكون وسيلته لتحقيق أهدافه الشخصيّة والمهنيّة.

النشرة البريدية

ما الطرق التي يجب أن نتّبعَها للاهتمام باللغة العربية وتعلّمها ببساطة؟

بنر يحوي تشكيل من حروف اللغة العربية الملونة

كيف نهتمّ بلغتنا ونتعلّمها ونعتزّ بها؟

سؤالٌ من محبّ للّغة العربية غيورٍ عليها.

طرح هذا السؤال علي الأستاذ ضياء عمّار في منصّة إكس، حيث قال فيه:

ما هي الطرق أو الأساليب التي يجب اتباعها للاهتمام في اللغة العربية وتعلمها ببساطة والاعتزاز بها في ظل انتشار موضة تعلم اللغات الأجنبية وهجر العربية؟

وهذه لقطة شاشة لسؤال الأستاذ ضياء على منصّة إكس، الصورة أدناه.

لقطة شاشة لمنشور على منصة إكس يسأل فيه أ. عمار عن: ما هي الطرق أو الأساليب التي يجب اتباعها للاهتمام في اللغة العربية وتعلمها ببساطة والاعتزاز بها في ظل انتشار موضة تعلم اللغات الأجنبية وهجر العربية؟

 

نرى أن السؤال في ظاهره يبحث عن طرق لتعلم اللغة العربية والاعتزاز بها، لكنّنا نلمس أيضًا في تفاصيله غيرةً على اللغة العربية وألمًا على حالها؛ ولذلك هو يبحث عن الطريق الذي يساعده للقيام بدوره تجاهها وما الذي يجب عليه فعله.

استدعى هذا السؤال إلى ذهني قصيدة حافظ إبراهيم التي تفيض حسرةً وألمًا بسبب دعوات التخلّي عن اللغة العربية وهجرانها وهي بعنوان اللغة العربية ترثي نفسها، ويقول فيها:

أَرى لِرِجالِ الغَربِ عِزّاً وَمَنعَةً      وَكَم عَزَّ أَقوامٌ بِعِزِّ لُغاتِ

وبالفعل نجدُ أنّ الغرب يُعِزّون لغتهم ويعتنون بها ولا يقبلون الخطأ فيها وهذا من واجبهم تجاه لغتهم، لكن المشكلة أن بعض العرب -ولا أستطيع الجزم هل هم بعض أم كثير؟- يُعِزّ لغة الأجانب ويقدّرها فلا يقبل من نفسه أن يُخطئ في تهجئة كلماتها كتابةً بل ويبذل جهده في التحدّث بها ناطقًا بلهجة أهلها تباهيًا.

وهو بالمقابل لا يُبالي في العربية بالوقوع في الأخطاء الإملائية في الكتابة وبارتكاب أخطاء نحويّة تتعلّق بمسائل كان قد تعلّم قواعدها في المرحلة الابتدائية، دون أن يرفّ له جفن ولا يراجع نفسه لثوان.

وأنا أكرّر دائمًا أنّ الوقوع في الخطأ وارد، لكن تكرار الأخطاء في الكتابة والإهمال المتعمّد هو غير المقبول في حقّ لغتنا العربيّة.

وفي الفقرات القادمة سأحاول الإجابة عن سؤال الأستاذ ضياء، وقد يختلط فيها نصائح تعلّم اللغة بالاهتمام والاعتزاز بها.

 

فيا تُرى ما الطرق التي نتّبعها للاهتمام بلغتنا العربية والاعتزاز بها؟

 

١. استحضار أهمّية تعلّم العربيّة والاعتزاز بها

هناك دوافع كثيرة لتعلّم اللغة العربية والاعتزاز بها مثل: الحصول على جماليّة الكتابة وتحصيل مكانة بين الكتّاب وكسب ثقة العملاء وغير ذلك.

لكنّ من وجهة نظري فإنّ الدافع الديني هو أهمّها؛ لأنّك من خلال استحضار نيّة أن تعلّم العربية من الدّين يتحقّق لك الأجر والثواب بالإضافة للمكاسب الدنيوية.

واللغةً العربيّة محفوظة بحفظ الله للقرآن الكريم، قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (سورة الحجر(9))، لكن يبقى علينا أن نكون ممّن ينصرُ دينه ولغته.

 

٢. اِبدأ تعلّم اللغة العربيّة بضبط نطق أصغر وحدة فيها وهو الحرف

ممّا يُغفل عنه في تعليم اللغة العربية وتعلّمها نطق الحروف نطقا صحيحًا، وهذا رأيٌ كنتُ أفكّر فيه عندما كنتُ أُشرفُ على تدريس مواد اللغة العربية؛ فوجدتُ أن الأستاذ القدير الدكتور شوقي ضيف رحمه الله في كتابه “تجديد النحو” قد ذكر ذلك وأكّد على أهمّية البدء بتدريس نطق الحروف ومخارجها عند تعليم النّحو. ولا أستطيع الآن العودة للصفحات والنصوص التي ذكر ذلك فيها لأنّي بعيدة عن مكتبتي وأنا أكتب هذه التدوينة.

ومن واقع عملي في التدريس والإشراف فإن أخطاء تعلّم نطق الحروف ومخارجها يتسبب في أخطاء لغوية عديدة، منها:

  • الخطأ في تلاوة القرآن الكريم بنطق الحروف نطقًا خاطئًا، ولكلّ شعب من الشّعوب العربية أخطاء نطق شائعة فيه بسبب عدم الاهتمام بتصويب نطق الحروف من مخارجها الصحيحة.
  • الوقوع في الخطأ في الإملاء بسبب تجاهل تعليم النّطق الصحيح، فالمعلّم قد ينطق الحرف خطأ عند الإملاء فيكتب الطالب الكلمة كتابةً خاطئة، أو أن يكون نطق الطالب خاطئًا للحرف ولم يصوّبه المعلّم فيستمرّ الخطأ معه في كتابته. وذلك نراه جليًّا في بعض الكتابات على مواقع التواصل، ومن ذلك:
    • فهناك من يكتب كلمة “يسير” وهو يريد بها “يصير” والسبب أنّه رقّق الصاد فأصبحت سينًا،
    • وهناك من يخلط بين الضاء والظاء في الكتابة، والسبب نطقه الخاطئ للحرف.
    • ومن يكتب التاء طاءً بسبب تفخيم التاء فيكتب مثلا: يططلّب وهو يريد يتطلّب.

ولحلّ هذه المشكلة أنصح بحضور دورات في تصحيح التّلاوة والتجويد، وهي تهدف إلى إتقان نطقِ الحروف من مخارجها الصحيحة، وإعطائها حقّها ومستحقّها.

وستكتشف حينها أنّك كنتَ تأكل الحروف أكلًا ولا تنطقها بالشكل الصحيح بسبب غلبة العامّية على ألسنتنا.

 

٣. احرصْ على تكوين ملكة لغويّة صحيحة من خلال القراءة الجهريّة

هل تذكر عندما كنّا صغارًا في المدرسة في حصص القراءة والمطالعة والمعلم يشجّعنا على رفع الصوت وتلوين الصوت وفق المعنى؟

نحتاج إلى ذلك الآن بعد سنوات طوال من التوقّف عن القراءة الجهريّة.

ابحث عن نصوص مضبوطة بالشّكل واقرأها بصوت عالٍ، وإليك بعض المقترحات:

  • أفضل النّصوص كتاب الله: ابحث عن حلقة قرآنية لتصحيح التّلاوة أو الحفظ على أن يكون هناك معلّم تردّد خلفه ويصوّب لك قراءتك. فإن لم تجد عليك بالاستماع لتلاوات القرآن الكريم المسجّلة واختر “المجوّدة” وليس “المرتّلة”، لأنّ المجوّدة يكون فيها تحقيق لمخارج الحروف، وتكون واضحة للمحاكاة.
  • وبعد كلام الله اختر لنفسك نصوصًا مضبوطة واقرأها بصوت مرتفع محقِّقًا نطق الحروف بالحركات: وأقترحُ عليك كتاب صور من حياة الصحابة للدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا، وهو سلسلة كتب رائعة كانت مقرّرة علينا في المرحلة المتوسّطة، ويجمع الكتاب بين جمال اللغة وضبط أواخر الكلمات بالحركات ومعايشة قصص الصحابة وسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام. وهو متاح بنسخة pdf على الإنترنت. صور من حياة الصحابة ج١
  • اصنعْ لنفسك مختارات شعريّة مضبوطة بالشّكل: وأقصد بذلك أن تجمع في دفتر أو في جوالك أبياتًا شعريّة تعجبك، وأن تحفظها وتتمثّل بها وتلقيها على من حولك، وليست العبرة بكثرة ما جمعت ولكن بسلامة نطقها وحفظها وأدائها أداءً صحيحًا. نمِّ قائمة مختاراتك الشعرية من خلال اختيار الغرض الشعري الذي يعجبك:
    • فمثلًا هناك من يحبّ أبيات الحكمة للتمثّل بها مثل أبيات زهير والمتنبّي.
    • وهناك من يميل إلى الغزل ومعانيه الرقيقة.
    • وهناك من يحبّ الفخر والحماسة وكلماتها الفخمة. انظر أيّها أقرب إلى قلبك وابدأ في تجميعها مضبوطةً بالشّكل ضبطًا صحيحًا واحفظها وكرّرها وألْقها على مسامع من حولك أو دندن بها مع نفسك.

 

٤. تعلّم أساسيّات قواعد اللغة العربية

ألم تسمع بقانون باريتو الذي يقول أن ٢٠٪ من العمل يعطي ٨٠٪ من النتائج، وأنا أقول إذا ركّزت على إتقان نسبة بسيطة من قواعد اللغة العربية سينقاد لك ما تبقى من القواعد، وتذكّر أنّك لستَ خالي الوفاض تمامًا من قواعد اللغة العربيّة.

أتقنْ من قواعد اللغة ما تعلّمته في المرحلة الابتدائية فقط.

هل ذلك صعب عليك؟

لقد تعلّمتَ ما هو أصعب وأشقّ.

ليس المطلوب منك معرفة أقوال البصريين والكوفيين في مسائل النحو، ولا معرفة علامات بناء الكلمات المبنية، ولا أداء الإعراب المدرسي الذي كنّا نختبر فيه في زمن مضى، ولكنّ ابحث في أساسيّات كلّ فرع من مهارات اللغة وأتقنها، وكما قلت سابقًا سينقاد لك معرفة ما تبقى من قواعد اللغة.

ومن أمثلة الأمور البسيطة التي يجب أن تلتزم بها:

  1. كتابة همزتي القطع والوصل كتابة صحيحة، والتمييز بين التاء المربوطة والمفتوحة والهاء في الكتابة؛ فالأخطاء فيها كثيرة وشنيعة ولا تليق بعربيّ.
  2. ميّز الفعل والفاعل والمفعول به في الجمل:
    • فإن كنت تقرأ: فانظر إلى الجمل الفعليّة وتأمّل سلامة إعراب الفاعل والمفعول إن كانا مما يظهر عليهما الإعراب مثل: المثنى، وجمع المذكر السالم، والأسماء الخمسة، والاسم النكرة المنصوب.
    • وإن كنت تكتب: راجع الجمل الفعلية وملحقاتها من فاعل ومفعول (إن وجد)، وتأكّد من سلامة إعرابها. أعلمُ أنّ هناك جملاً اسميّة أيضًا؛ لكن كما ذكرتُ لك ركّز على جانب حتى تتقنَه، سيساعدك ذلك في إدراك بقية الجوانب النحويّة الأخرى بسهولة.

 

٥. تنمو اللغةُ العربيّةُ وتورقُ وتزدهرُ باستخدامنا لها

فليكنْ حبّنا لها عمليًّا وليس نظريًّا.

هناك تقليد سنوي هو الاحتفال باللغة العربية في ١٨ ديسمبر، ويحدث أن يتفاعل الناس على مواقع التّواصل وأيضًا المؤسّسات والشركات والمدارس بالاحتفال ونشر محتوى احتفالي حول اللغة العربيّة.

وما أريد قوله أن حبّ اللغة العربية  والاحتفال بها -ومن معاني الاحتفال الاهتمامُ والعناية– يجب أن يكون عمليًّا وليس نظريًّا.

ومن المظاهر المُضحكة المُبكية ما يحصل في المدارس عند الاحتفال باليوم العالميّ للغة العربيّة، إذْ كان يغلُب على مظاهر الاحتفال -إلاّ من رحم ربّي ووعى مغزى الاحتفال- أن تعلّق الزينات بالحروف وتزدان البنرات بحرف الضاد، وتوزّع قطع الشوكولاتة مكتوبًا عليها حرف الضاد أيضًا، وتُنشِد الطالبات قصيدة “صوت صفير البلبل” في الإذاعة الصباحيّة.

بالتأكيد هناك مظاهر أخرى تخدم الفصحى ولكنّها تبقى مظاهر ضعيفة الارتباط بحبّ اللغة العربيّة والاعتزاز بها مادام أن جميع من في المدرسة يتحدّث بالعاميّة في يوم الاحتفال بالعربية الفصحى.

لذا يجب علينا أن نستخدم الفصحى في جميع المجالات، ونعبّر بها عن يوميّاتنا وأعمالنا وأفكارنا وجميع حاجاتنا، وأن نجتهد في انتقاء المفردات المعبّرة بدقّة عمّا نريد قوله ولا نكتفي باستخدام الكلمات الشائعة خاصّةً ما كان ناتجًا عن التّرجمة.

آمل أن أكون قد وُفّقتُ في تقديم إجابة وافية لسؤال الأستاذ ضياء عمّار،

وما كان فيها من صواب فمن الله وما كان فيها من خطأ فمن نفسي والشّيطان.

 

************************

 

تدوينات ذات صلة باللغة العربية وتعلّمها والاعتزاز بها

 


 

إذا أعجبك المحتوى الذي أكتبه تواصل معي للتعاون،

ولا تنسَ الاشتراك في نشرتي البريدية تجد خانتها في الصفحة الرئيسية.

 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

نبذة عن الكاتبة
كاتبة المحتوى مريم بازرعة
مريم بازرعة

تعلّقتُ بالقراءة قبل أن أتقنها، وعلى مدى ثلاثين عامًا خضتُ الكثير من التجارِب واكتسبتُ خبراتٍ متنوّعة، وكانت الكتابة رفيقتي الهادئة طوال تلك الرّحلة.

والآن، اخترتُ أن تكون الكتابة حياتي ووسيلتي لتزكية العلم ونشر المعرفة ومساعدة من يريد أن يتعلّم الكتابة ويكتب مدوّنته؛ ليشارك معرفته ويعزّز علامته الشخصيّة ويحقّق تميّزًا في حياته المهنيّة والعمليّة.

النشرة البريدية

أحدث المقالات