مستخلصة من واقع كتابة المقالات ومراجعتها وتحريرها
كثيرةٌ هي النصائح التي يُمكن أن تجدَها بصفتك كاتب محتوى حول كيفية كتابة المقالات.
فهل أصبحت الكاتب الذي تريد؟
هل كانت تلك النصائح كافية لتكون كاتب مقالات محترف؟
أم مازلت تبحثُ عن تطوير كتابتك وتجويدِها؛ لبيع خدماتك الكتابية والربح منها؟
سأجيبُ عن هذا السؤال من واقع تجربتي بصفتي كاتبة ومحرّرة:
إنّ النصائح العامة حول الكتابة غيرُ كافية لتصنع كاتبًا؛ فهي تخبرك بالمكان الذي يجب أن تصلَ إليه لكن لا توضّح لك الطريق الذي يوصِلُ إليه.
فكاتب المقالات يحتاج -ليتقدّم في صنعته- إلى أكثر من مجرد النصائح العامة، فهو يحتاج على سبيل المثال:
- إبداء الملاحظات على كتاباته تحديدًا: ما الجيد فيها؟ وما الذي يحتاج إلى تحسين؟
- إرشاده إلى كيفية التعامل مع مواقف كتابية معيّنة تعْترضُ سبيله.
- إعطائه تنبيهات لما يجب أن يراعيه أو أن يحذرَ منه عند كتابة المقالة وقبل نشرها وتسليمها.
وهي أمورٌ لا يستطيع الكاتبُ الحصول عليها نظريًّا من خلال قراءة مقالة أو كتاب، أو حتى من حضور دورة تدريبية؛ فالكتابة عملية تتطلّب ممارسة وتعلّم مستمرّين، بالإضافة إلى حاجة الكاتب إلى وجود دليل ومرشد يدلّه على أصول صنعة كتابة المقالات الرقميّة، وهي بالمناسبة صنعة حديث نسبيًّا، والخبراء المحيطون بأصولها في العالم العربي قلّة مجتهدة إن لم نقل بالندرة.
لذلك أنصح كلَّ من لديه الرغبة في تعلّم كتابة المقالات الرقمية بالاشتراك في مجتمع رديف لأنّه سيجدُ فيه بيئة تعلّم داعمة وفريدة تحقّق له ما يلي:
- تمده بأدوات كتابة المقالات الرقمية ومصادرها.
- تجيب عن أسئلته.
- سيحصل على ملاحظات بناءة حول مقالاته.
- وسيحظى بتوجيهات مناسبة في كل مرحلة من مراحل تقدّمه في كتابة المقالات.
💡 أُشجعك على الانضمام لمجتمع رديف، وهناك خطتان للاشتراك: خطة مجانية رائعة وأخرى مدفوعة برسوم رمزية .. اشترك الآن
وفي حال لم يتيسّر لك الاشتراك في رديف فعليك بمقالاتي حول كتابة المقالات الرقميّة، على أمل أن تلبّيَ جانبًا ولو بسيطًا من احتياجات كاتب المقالات؛ فإنّ ما لا يُدرك كلُّه لا يُترك جُلُّه.
وهذه المقالة التي بين يديك هي أولُ مقالةٍ لي في هذا الموضوع، وأعرِضُ فيها تنبيهاتٍ لكاتب المحتوى حول كتابة المقالات الرقميّة، وهذه التنبيهات لم تأتِ من فراغ، بل جاءت من واقع تجرِبة عملية في كتابة المقالات ومراجعتها وتحريرها. فهي مُسْتخلصة من خلال عملي في كتابة المقالات وتحريرها عبر منصّة تزويد الرائعة.
بالمناسبة فإن منصّة تزويد ترحّب بالكتّاب المبدعين للانضمام إليها .. اِقرأ مقالتي عن : كيف تصبح كاتبًا في منصة تزويد؟
ويُعدُّ إعطاء التنبيهات مدخلًا معروفًا في التعليم؛ وذلك من خلال التنبيه على ما ينبغي تجنّبه والحذر منه، وهو يأتي أيضًا من باب: “وبضدّها تتميّزُ الأشياء”.
لذا آمل أن تُسهم هذه التّنبيهات في مساعدة كاتب المقالات السّاعي للتميّز في استجلاء طريقه نحو كتابة المقالات، وأن تكون له بمثابة معالم على الطريق ولوحات إرشادية تسرّع وصوله إلى الاحتراف وتحقيق المردود المالي والمعنوي الذي يُرضيه ويسرّه.
وإليكم أبرز التّنبيهات التي سأعرضها ـبإذن الله- تباعًا في مقالات متتالية بقدر ما تُسعفُني الكتابة.
التنبيه الأول: لا تكتبْ مقالةً قبل أن تتأكّد من فهم المطلوب
وليكن شعارك: الفهمُ قبل الكتابة.
كن جبانًا في الإقدام على كتابة المقالة حتى تدرُس المطلوب جيّدًا.
ماذا سيحدث إذا أقدمتَ على الكتابة مباشرة؟ دعنا لا نستبق الأمور، واقرأ معي قصّة الكاتبة فاطمة.
فاطمة معلمة متميّزة، تعمل كاتبة مقالات في أوقات فراغها عبر منصّة تعْرِضُ مشاريع كتابيّة. ذات يومٍ ظهر لفاطمة مشروع مقالةٍ بعنوان: أبرزُ الحلول التّقنية التي تُحسّن تعلّم طلاب المرحلة الابتدائية.
فرِحتْ فاطمة بهذا المشروع ورأتْ أنه مناسبٌ لها؛ فهي كاتبةٌ جيدة ومعلمةٌ قديرة، وعنوان المقالة في صميم عملها، والكرةُ في ملعبها كما يقولون.
لم تتردّد فاطمة في الضغط على زر التقديم على المشروع، وحصَلت على الموافقة؛ فبدأت بالكتابة.
أنجزتْ فاطمةُ المقالة بسعادة وأرسلتها وكلّها ثقة في قبولها. حتى أنّها بدأت في البحث عن مشروع آخر للتقديم عليه. وبينما هي تبحث عن مشروع جديد في المنصّة صُدِمتْ برفض مقالتها! وطلب التعديلات من العميل.
يا تُرى ماذا فعلت فاطمة؟ وكيف كانت مقالتها؟
ما سبب رفض مقالة فاطمة؟
لكي نعرف سبب الرّفض، دعوني أخبركم بدايةً بالإطار العام المتوقّع من مقالة بمثل هذا العنوان.
يتوقّع العميل أن تصله مقالةٌ تحوي مقدّمة مناسبة، يليها عددٌ من العناوين الفرعيّة، بحيث يَذْكر كلُّ عنوان من العناوين الفرعية حلًّا تقنيًّا يُسهم في تحسين التعلم، وتحت العنوان الفرعي فقرةٌ توضّح كيف يعمل ذلك الحل في تحسين تعلّم الطلاب، وبعد استيفاء تلك الحلول يكون في نهاية المقال خاتمة مناسبة.
عرفنا ما ينبغي أن تكون عليه المقالة، فلنُلقِ الآن نظرةً على خطّة المقالة التي أرسلتها فاطمة:
- المقدمة
- حلول تقنية لتحسين التعلم:
- تحديد أهداف التعلّم
- اختيار الأنشطة التعليمية المناسبة
- استخدام استراتيجيات التعلّم النشط
- مراعاة الفروق الفردية عند الطلاب
- التنوّع في استخدام وسائل تقويم التعلّم وأدواته
- الخاتمة
هل عَرَفتَ الخطأ الذي وقعت فيه فاطمة؟
في واقع الأمر، كان العميل ينتظر عناوين فرعية كالتّالي:
- استخدام منصات إدارة التعلم مثل: كلاسيرا وغوغل كلاس روم.
- استخدام السبورة الذكية.
- الاستفادة من تطبيقات الواقع المعزّز في التعليم.
- التعلّم الاجتماعي وتوظيف وسائل التواصل الاجتماعي في التعليم.
- استخدام استراتيجية الصف المقلوب.
كان العميل ينتظر الحلول التّقنية والتقنية فقط.
لأنّ العميل ربّما يكون صاحب شركة تقدم حلولًا تقنية في مجال التعليم، ويهدف من المقالة تعريف المؤسسات التعليمية كالمدارس وأولياء الأمور بالخدمات التي يقدّمها، والتسويق لها.
صحيح إنّ ما ذكرته فاطمة في المقالة لاجدال في أنّه يحسّن تعلّم الطلاب لكنها ليست حلولًا تقنية، فمن الطبيعي جدًا أن يرفض العميل المقالة.
كيف نستفيد من هذا التنبيه؟
يجب التأنّي والتأمّل في فهم عنوان المقالة، ودراستِه جيدًا قبل الشّروع في الكتابة. وهناك العديد من الطرق لذلك، منها على سبيل المثال:
- التّوقّف عند الكلمات الرئيسة في عنوان المقالة كلمةً كلمة، والتّأكّد من دلالاتها.
- التفكير في العنوان بصوتٍ عالٍ، وتكرار جملة العنوان لتصوّر معناها وتخيّله.
- مناقشة العنوان مع شخص آخر.
- إعطاء جمل مرادفة لجملة العنوان لِيسْتوثِق الكاتب من فهمه للمطلوب، ثم مقارنتها بالعنوان المطلوب.
هذه بعض الطرق التي تساعدك على إدراك المطلوب من المقالة من خلال دراسة العنوان. وهناك المزيد من الطّرق لدراسة عنوان المقالة واستنطاقه قبل الشروع في الكتابة. قد يكون من المناسب أن نفرد لها مقالة مستقلة بإذن الله.
التنبيه الثاني: لا تسْمح لوفْرة المصادر أن تفرضَ عليك محتوى مقالتك
ماذا يعني ذلك؟
بالمثال يتضح المقال، إليك قصة محمد ومقالة الاحتيال عند الشراء من الإنترنت:
محمد كاتبٌ جيد، عرض له مشروع مقالة على منصّة لخدمات الكتابة بعنوان: 5 طرق لحماية نفسك من الاحتيال عند الشراء من الإنترنت، مع إمكانية تعديل الرقم وفق ما يراه الكاتب مناسبًا.
أُعجب محمد بالموضوع وتحمّس له، فهو لديه عددٌ من قصص الاحتيال الإلكتروني التي وقع فيها هو شخصيًا أو أحد أقاربه، ثم قام ببحث سريع على الإنترنت فوجد مصادرَ كثيرة حول الموضوع.
كل ذلك فتح شهيته للكتابة عن هذا الموضوع الحيوي والمفيد.
تقدّم محمد لكتابة المقالة. وحصل على موافقة العميل في وقتٍ قصير؛ فمحمد لديه تقييم جيّدٌ على المنصّة.
شمّر محمد عن ساعِدِ الجِدّ وبدأ بالكتابة. ومن فرط الحماس سلّم المقالة قبل انقضاء نصف مدة التسليم. ولكن يا للعجب!
فقد رفض العميل المقالة وطلب التعديل.
فما الذي حدث يا تُرى؟
ما سبب رفض مقالة محمد؟
يحكي العميلُ سبب رفضِه المقالة قائلًا: شرعتُ في قراءة المقالة لأرى الطّرق التي يحمي بها الناس أنفسهم من الاحتيال عند الشراء من الإنترنت، فقرأت المقدّمة وكانت جميلة، ثم فقرة تمهيدية عن مخاطر الاحتيال الإلكتروني وكانت جيّدة، فانتظرت بعدها أن يبدأ الكاتب بعرض طرق الحماية، ولكن فوجئت بعنوان فرعي: رسائل التصيد الاحتيالي الإلكتروني، ثم عنوانٍ فرعيٍّ ثان: أسباب الاحتيال الإلكتروني، ثم ثالث: أشكال الاحتيال الإلكتروني .. فأوشكت المقالة على الانتهاء وأنا أنتظر أن أصل إلى معرفة الطرق الخمسة للحماية من الاحتيال عند الشراء من الإنترنت.
فوجدتُها أخيرًا، ولكن!
في آخر عشرة أسطر من المقال!
ليس هذا ما أريد. فإنا لم أطلب مقالة عن: ماذا تعرف عن الاحتيال الإلكتروني وما أسبابه؟ وكيف تتجنّبه؟
وإنّما أريد مقالةً تتحدّث عن طرق تجنب الاحتيال عند الشراء من الإنترنت، وكنتُ أنتظر أن تتحدّث المقالة عن ذلك من بعد المقدّمة إلى ما قبل الخاتمة، وأن تشغل طرق الحماية من الاحتيال معظم مساحة المقالة. لأنّ العنوان يقول ذلك.
كيف تستفيد من هذا التنبيه؟
أولا: عليك أن تضع نصب عينيك أن يتطابق محتوى مقالتك مع عنوانها، وأن تستولي الفكرة الرئيسة في العنوان على معظم مساحة المقالة. وألّا تسمح لوفرة المصادر على الإنترنت أن تتحكّم في محتوى مقالتك أو أن توجّهها، أو أن تأخذك في استطرادات غير مطلوبة.
ويمكن تفصيل ذلك في مقالة مستقلّة بإذن الله، لعل عنوانها يكون: كيف تتحكم في محتوى مقالتك بما يناسب طلب العميل؟
ثانيًا: عليك أن تتعلّم أنواع المقالات والأطُر العامة لكتابة كل نوع منها. فعلى سبيل المثال نجد أن مقالة: ٥ طرق لتجنب الاحتيال .. هي من نوع أسمّيه: مقالات العناوين ذات الأرقام، أو مقالات عناوين العدد والمعدود. ويعدُّ هذا النوع من العناوين الجاذبة في كتابة المقالات الرقميّة، ومن أمثلتها:
- ٥ طرق للوقاية من أمراض ..
- ٦ أمور ينبغي أن تراعيها عند ..
- ٧ نصائح حول شراء ..
- ٨ فوائد لممارسة الرياضة ..
ثالثا: في مثل هذا النوع من المقالات ينبغي أن:
- تحتل تلك العناصر (المعدودة) معظم مساحة المقالة، ولنقل ثلاثة أرباع المقالة تقريبًا وألاّ تقل عن النصف بأي حال من الأحوال.
- تكون كل طريقة أونصيحة أوفائدة عنوانًا فرعيًّا وتحته فقرة توضّح تلك النقطة وتربطها بعنوان المقالة.
- مع ملاحظة أنه إذا كلّما ارتفع عدد تلك العناصر في المقالة وبالمقابل نقص عدد الكلمات الإجمالي لها، فإنّ المقالة تصبح مقالة قوائم، وحينها لن يكون عناوين فرعية وفقرات، وإنما سيظهر على شكل تعداد للعناصر وقائمة مرقّمة، ويكون كل عنصر في القائمة جملة أو بضع جُمل.
وهناك مزيدٌ من الكلام حول هذا النوع من المقالات -أعني مقالات عناوين العدد والمعدود- ولكن لا يتسع المقام لذكرها فقد شارف عدد كلمات مقالتنا على بلوغ ١٥٠٠ كلمة، فلعل من المناسب أن نُفرِدَ لها مقالة خاصة إن شاء الله.
وحتى لا أُطيل عليكم فلنكتفِ بهذين التّنبِهين، وإن كان لا بُدّ من تنبيهٍ ختامي، فليكن ..
إياكَ والعجلة!
كانت هذه آخر مقالة كتبتها في مدوّنتي السابقة
2 تعليقات
كنت أحتاج لمثل هذا الموضوع الرائع ✨
شكراً لك أستاذة مريم دائماً مواضيعك ثرية وتلمس احتياجاتنا ♥️
مرحبا شهد، أسعدني تعليقك ويفيدني أن أعرف منك ما هو احتياج كاتب المقالات؛ لأنّ ذلك يساعدني في اختيار مواضيع الكتابة. فلا تتردّدي في طرح أي سؤال علي فهو بمثابة هدية ثمينة بالنسبة لي.