لم أتوقّع أن أنّني سأتخذ موقفًا إيجابيًّا من استخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة المحتوى.
لكن هذا ما حدث البارحة عندما استخدمت الذكاء الاصطناعي، لا أخفيكم أنّني شعرتُ بسعادة داخلية. لأنّني لمستُ أن هذا الذكاء الاصطناعي سيكون عاملًا عجيبًا في رفع مستوى كتابة المحتوى وكتّاب المحتوى.
اسمحوا لي أن أكتب التأمّلات التي خطرت بذهني وأسعدتني. وهي تأمّلات ناتجة عن حدود فهمي-حتى هذه اللحظة- لما يقدّمه الذكاء الاصطناعي في الكتابة، فهي تأمّلات أوّلية أشارككم إيّاها ولم يسمح وقتي بالبحث في المصادر لتقييم تلك التأمّلات.
مدخلات تأمّلي في أثر استخدام الذكاء الاصطناعي على كتابة المحتوى
- الحوارات التي دارت في مجتمع رديف عن الذكاء الاصطناعي
- بضع مقالات قرأتُها عن الذكاء الاصطناعي وأثره على الكتابة والتعليم
- حلقة بودكاست كاف عن الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته مع ناهض الحربي
- تجريبه في الكتابة في موضوعات تهمّني
كيف سيُفيد الذكاء الاصطناعي كتابة المحتوى؟
التأمّل الأول: الذكاء الاصطناعي سيحّسن مستوى صياغة الأسئلة المكتوبة
يقوم استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة على طرح سؤال تبحث عنه ويعطيك الإجابة، وكلّما كانت صياغتك دقيقة ستحصل على الإجابة التي تريدها.
ذكّرني ذلك بكتاب عنوانه: ماذا تقول لتحصل على ماتريد؟
وبناء عليه نستطيع أن نستحدث عنوانًا جديدًا هو: ما السؤال الذي تكتبه للذكاء الاصطناعي لتحصل على ما تريد؟
وفي تراثنا مقولة فريدة عن أهمية السؤال تقول:
حُسْن السؤال نصفُ العلم
وفي تفسير تلك العبارة يقول أبو إسحاق الحويني:
“حسن السؤال نصف العلم؛ لأن العلم عبارة عن سؤال وجواب، فإذا أحسن الرجل السؤال خرج الجواب حسناً على مقتضى السؤال”
ولي مع السؤال وقفتان:
- الوقفة الأولى أن الذكاء الاصطناعي سيدرّب الكتّاب على الصياغة الجيّدة للسؤال، لأنك إن لم تصغ سؤالك بشكل جيد ستهدر وقتك الذي هو مال في حقيقة الأمر، ومن فوائد استخدامات الذكاء الاصطناعي أنك توفّر وقتك.
- والوقفة الثانية تتعلّق بحضور السؤال في التعليم والمدارس وأهميته: تظهر أهمّية السؤال عند المعلمين في المدارس، فمهارة الأسئلة الصفية صياغتها وطرحها والاستجابة المناسبة للإجابات هي مهارة أوكفاية مهمة من كفايات التدريس. فوقت الحصّة محدود وهو أحد مدخلات عملية التدريس وينبغي للمعلم أن يُعدّ أسئلته قبل الحصة حتى تسير وتيرة الدرس بشكل جيد ويحقق الأهداف التعليمية من الحصة.
التأمّل الثاني: الذكاء الاصطناعي سيرفع مستوى الكتابة ويعطيها قيمتها الحقيقية
كيف ذلك؟
هناك مقولة سمعتها كثيرًا ولم يتسع الوقت للبحث عنها، وهي عادة تأتي في سياق تقييم باحث أوطالب دراسات عليا، فيقولون: إنّ جوهر كتابة الباحث أن يضيف للمعرفة شيئا جديدًا، فإن لم يفعل فلا يصحّ أن نسمّيه باحثًا وإنما نسمّيه جمّاعة، فهو قد نجح في جمع الأفكار التي تتعلّق بموضوع ما.
وهذا ما يفعله الذكاء الاصطناعي بكفاءة جبّارة، فهل ستجاري الذكاء الاصطناعي في تجميع المعلومات؟! هذا ضربٌ من العبث.
فهو سيجمعها من كل المصادر المتاحة على الإنترنت خلال ثوان، ويستحيل أن تنافسه في ذلك.
المجال الوحيد للمنافسة هو أن تحوي كتابتك:
- فكرًا جديدًا،
- لمسة إنسانية،
- تفهّمًا لاحتياج من يقرأ.
ولا أعلم عن قدرات الذكاء الاصطناعي إن كان باستطاعته فعل ذلك أو لا.
هذه الحقيقة-أعني أنّه سيرفع مستوى الكتابة- التي ظهرت لي لم تكن جديدة، فقد قرأتها في مقالة تتعلّق بأثر الذكاء الاصطناعي على التعليم، وهي بعنوان
Teaching In The Age Of AI Means Getting Creative
وترجمتي للعنوان هي: التدريس في عصر الذكاء الاصطناعي يجعلك مبدعًا
ويقصد كاتب المقالة بذلك أن تحدّيات وجود الذكاء الاصطناعي في متناول الطلاب، وإمكانية استخدامها في تقديم المهام والواجبات الكتابية، سيضع المعلمين أمام حل واحد هو أن يطوروا أدواتهم في تقييم تعلّم الطلاب وألّا يعتمدوا في تقييمهم على التقارير المكتوبة، وأن يبتكروا أدوات تقيس التعلم الحقيقي وليس لهم حل غير ذلك، ومن تلك الأدوات على سبيل المثال: طرح أسئلة شفهية تكشف عن فكر الطالب واستفادته من التقرير المكتوب الذي قدّمه.
ًمما سبق لا بد أنّك رأيت مثلي أن الذكاء الاصطناعي سيعطي الكتابة المكانة التي تستحقّها بصفتها تفكيرًا عميقا.
التأمّل الثالث: استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة سيُعلي مكانة التحرير اللغوي
ولا أعني جانب التصحيح اللغوي والنحوي لأنّه سيتفوق عليك في ذلك، فالمصحّحات اللغوية موجودة من زمن. ولكن أعني أمورًا مثل:
- الزاوية الفريدة في تناول الموضوع
- اللغة التواصلية التي تتفهّم الجمهور الذي سيقرأ المقالة
- رأيك الفريد الذي لا يستطيع أن يأتي به الذكاء الاصطناعي من أي مكان ما لم تكتبه
وبناءً على ما سبق وتحديدًا النقطة الأخيرة أستطيع أن أقول أن كاتب المحتوى ينبغي أن يكون مفكّرا حتى يكتب رأيه في موضوع ما، وأن المعيار الشائع الذي يصف المقالة الناجحة بأنها محايدة ولا تحملُ رأيًا شخصيًا لن يدوم.
وأتوقّع أن تعلو مكانة المقالة التي تحملُ رأي كاتبها لأن ذلك سيكون دليلا على إنسانية تلك المقالة وفرادتها.
ألمْ تغزُ الأطعمة المصنّعة العالم؟
ولكن الناس يبحثون الآن عن الأطعمة الطبيعية والعضوية، وهي الأغلى ثمنًا.
وفي الختام أقول، ليس أمامك بصفتك كاتب محتوى إلّا أن تعمل بجدّ على تطوير حقيقي لكتابتك، وأقول حقيقي بمعنى تطوير التفكير أثناء الكتابة، وليس أمامك وسيلة في مواجهة القوة الجبّارة للذكاء الاصطناعي إلا استخدام القوّة الجبارة التي أودعها الله في البشر وأعني بها التفكير وهي نفسها التي صنعت الذكاء الاصطناعي.
إمّا إذا كنت تريد أن تعمل بقدراتك العقلية في المستوى المريح فأخشى أن أقول لك: فاتك القطار يا صديقي.
كانت تلك تأمّلات أوّلية ترتبط بالوقت الذي كُتبت فيه وهو بدايات دخول الذكاء الاصطناعي على كتابة المحتوى،
وأيضا هي تأمّلات محدودة بحدود فهم كاتبها الذي هو أنا مريم
أحببتُ مشاركتها معكم في وقتها، لأنّي لو فكّرتُ أن أجوّدها وأصقلها وأن أفحص سلامة تأمّلاتي فلن ترى هذه المقالة النور.
ومادمنا نقول عنها تأمّلات فهي مجال للأخذ والرد والمناقشة.
وأسعدُ كثيرًا بتعليقاتكم المثيرة للتفكير
6 تعليقات
نتجه نحو عصر يزداد فيه حضور التقنية بحياتنا. نحتاج بعد التأملات أن نبدأ التصالح مع الجديد،
أتّفق، وبرأيي لو نظرْنا إلى تلك التقنيات بأنّها من الأمور التي سخّرها الله لنا لتغيّر موقفنا منها واستطعنا توظيفها والاستفادة منها.
جزاك الله خيرًا يا محمد على تعليقك.
أجمل عبارة في المقالة لخصت الموضوع كله:
ألمْ تغزُ الأطعمة المصنّعة العالم؟
ولكن الناس يبحثون الآن عن الأطعمة الطبيعية والعضوية، وهي الأغلى ثمنًا.
شكرًا لك أ. علي على تعليقك.
مقالة جميلة جداً يقرأها القارئ بكل استمتاع ♥️
وبحكم استخدامي للذكاء الاصطناعي بشكل مكثف الفترة الأخيرة، فإني أضم صوتي لصوتك.
الذكاء الاصطناعي جّماعة ومصحح جيد خاصة عندما تكتب المحثات بالإنجليزية، فنصيحتك أستاذة مريم ثاقبة ✨
مرحبًا شهد،
أسعدني تعليقك وأقدّره كثيرًا لأنّه صدر عن تجربة في استخدام الذكاء الاصطناعي.
لكن يا تُرى هل سيتوقّف الذكاء الاصطناعي عند هذا الحدّ؟!