وهل أستخدم حيلًا للكتابة السريعة اليوميّة؟!
أنا فقط أحاول أن أجد حلولًا ومخارج للمواقف التي قد تمنعني من الكتابة أو تعطّلني أثناءها، وأبحث عن الأسباب التي تجعل عجلة الكتابة اليوميّة تدور، ومن هنا يأتي ما يمكن أن نسمّيه حيلًا ووسائل لاستدامة الكتابة اليومية السّريعة.
شكرًا بثينة اليوسف على سؤالك المحفّز للكتابة، وإن سألتني ما هو سؤال بثينة أقول لك إنّه عنوان هذه التّدوينة: ما الحيل التي أستخدمها للكتابة السّريعة اليوميّة؟
في الواقع لا أحبّ أن أبدو بمظهر الأستاذة التي تعطي النصائح أو تستعرض بما لديها، أنا أحاول فقط أن أشارككم تجربتي.
إنّ السؤال -كما هو سؤالك عزيزتي بثينة- هو أحد المحفّزات التي أستخدمها لاستمرار الكتابة، وأجده ذريعة مناسبة لأكتب بسرعة؛ فلأنّني أجيب عن سؤال -هكذا أقول لنفسي- فيجب أن أردّ بسرعة وأكتب.
طرح الأسئلة هي وسيلتي للتدوين اليومي
لقد كان العنوان أعلاه هو عنوان تدوينة سابقة في مارس ٢٠٢٣، وسأخبركِ في هذه التدوينة عن كيف اكتشفت الدّور العظيم للأسئلة في استدامة الكتابة اليومية السّريعة، وكيف جعلتها إحدى الحيل التي أحتال بها على نفسي من أجل استمرار الكتابة، وسأوضّح ذلك من خلال ثلاثة مداخل أو ملامح، لم أتمكّن من انتقاء المفردة المناسبة:
المدخل الأول:
هل تعلمين يا بثينة؟ لقد سألتُ نفسي لماذا كنتُ أكتب كثيرًا وبسرعة وانطلاق في مجتمع أرابيا أي أو؟ (اسمه الآن حسوب آي أو لكنّي مازلت أسمّيه بالاسم الذي عرفته) ولماذا أستثقل عندما أكتب تدوينة في مدوّنتي؟
وجدت أنّني كنت أندفع نحو الكتابة عندما يكون هناك سؤال أعرف إجابته أو أجد أنّ هناك إجابات غير جيّدة عليه، هذا أمر.
الأمر الثاني تفاعل أعضاء مجتع آرابيا أي أو حينها مع ما أكتب بإعطاء النّقاط أو التّعليق أعطاني ثقة بأنّ ما أكتبه من إجابات مفيدة، وحقيقةً كنت أفرح عندما أجيب عن سؤال وأرى أن هناك من استفاد بأن حصل على معلومة أو أثّرت في تفكيره وساعدته على الحصول على رؤية أفضل؛ لذلك كنت لا أتردّد في الإجابة سريعًا والكتابة لأنّي كنت أرى أنّها مساعدة وهناك من يستفيد منها.
المدخل الثاني:
وحتّى بعد أن ابتعدت عن مجتمع حسوب آي أو وتحديدًا في السنوات الثلاثة الفائتة، كنت ألاحظ أنّه عندما يسألني شخص عن شيء في مجالي فإنّي أتدفّق بالرد كتابةً، بخلاف عندما أجلس لأفكّر عن ماذا سأكتب.
المدخل الثالث:
هو تجربة يونس بن عمارة التي كان يطلب فيها من النّاس على منصّة X كل يوم أن يسألوه سؤالًا ليجيب عنه بتدوينة، كانت تجربة ذكية ومُلهمة، وقد كتب عنها تدوينة بعنوان 10 دروس مستقاة من الإجابة على أسئلة الناس على تويتر يوميًا طوال 274 يومًا دون انقطاع
فكّرتُ أكثر من مرّة في أن أصنع مثله، لكن هل أنا مؤهّلة لأن أفعل ذلك؟ أنا أستطيع أن أكتب لكن هل سأجيب إجابة مفيدة حقًّا؟ لهذا كنتُ أتردّد في فعل ذلك.
يونس بن عمارة لديه مخزون كبير من المعرفة والاطّلاع، ولديه أيضًا الكثير الكثير من المحتوى والكتابات التي هي أساس وقاعدة قويّة لما يقدّمه الآن بالإضافة إلى مواكبته للمستجدّات بعين خبير وناقد.
أشبّه يونس بن عمارة بالمعلّم الخبير المّتقن الذي درّس المقرّرات والمناهج مرارًا وتكرارًا فهو متمكّن من الأساسيات ومستعدٌّ لأي سؤال، وهو ليس معلّمًا تقليديًّا حافظًا يعيد الدروس فقط، بل معلّم ديناميكي متفاعل مع المستجدات وفي تعلّم مستمر، فهو مؤهّل لإعطاء إجابات صحيحة ومتقدّمة ورؤى عميقة.
أمّا بالنسبة لي فإنّني ما زلتُ أكوّن تلك المقرّرات الدراسيّة، فهي موجودة في معرفتي وأمارسها لكنّي لم أخرجها بعد، لمْ أرها أمام عيني، ومن خلال الكتابة اليوميّة حاليًا أنا أخرجها من ذهني وأبنيها.
لا أعلم كيف وصل بنا الكلام إلى هنا؟!
ما أريد قوله إنّ أول حيلة تفيدني لكي أستمرّ في الكتابة اليومية هي التّذرّع بالأسئلة للكتابة، فأنا أبحث عن الأسئلة التي يمكن أن أجيب عليها كتابة. وأصبحتُ أفرح بأيّ سؤال تقع عليه عيني، سواءً كان موجّها لي أو لغيري فإنّي ألتقطه لأكتب عنه.
ثمّ إنّه راقت لي فكرة أن أطرح سؤالًا بنهاية كل تدوينة، فقد كانت فرصة جيّدة لأقلّد ما كان يفعله يونس بن عمارة، وأرى كيف ستسير الأمور.
هل رأيت يا بثينة؟
لقد كنت أتحدّث إليك من خلال هذه التدوينة، وربّما هذه حيلة أخرى تجعلني أتدفّق في الكتابة وأسترسل وأحكي ما أفكّر فيه.
أمّا الحيلة الثالثة التي طبّقتها هنا فهي الاقتصاد فيما أقدّمه كلّ يوم، وسأشرح لك ذلك.
عندما قرأت تعليقك بالأمس عبر بريدي الإلكتروني، سجّلتُ ما يقارب سبعًا ممّا يمكن تسميتها حيلًا أو معينات للكتابة اليوميّة السّريعة، وكان منها أنْ أكتب عن فكرة محدّدة جدًا وأدع التفاصيل الباقية المتعلّقة بها.
كنت أنوي أن أكتب تدوينة عن السبع حيل لكي أجيب عن سؤالك، لكنّ ترفّقًا بنفسي اخترت أن أكتب عن واحدة فقط وأترك أخواتها لوقت آخر؛ لأنّ الكتابة عن سبعة أفكار سيكون مرهقًا وسيؤثّر على طاقتي في اليوم التالي، لكنّ الكتابة عن فكرة واحدة أستطيع السيطرة عليها سيكون شيئًا مشجّعًا لأن أستمرّ في التّدوين اليومي.
فقرّرتُ ابتداءً أن أكتب عن حيلة استخدام الأسئلة لاستدام التدوين اليومي، لكنّ ما تمخّضت عنه هذه التدوينة هو ثلاث حيل للكتابة السريعة اليوميّة ظهرت معي من خلال الكتابة.
أظنّ أنّني هنا قدّمت ثلاث حيل للكتابة السّريعة اليوميّة
- الاعتماد على الأسئلة لكتابة تدوينة يوميّة: بأن أطلب من الناس أن يسألوني، وأجيب عن أسئلتهم بالفعل بتدوينة، ثم أشكرهم لأنّهم سألوني. كلّ ذلك يستديم الأسئلة وتستديم معها تدويناتي اليوميّة.
- استخدام أسلوب المراسلات: الإجابة عن السؤال أو التعليقات بتدوينة أكتبها وكأنّي أكتب رسالة أردّ فيها على رسالة وصلتني، ذلك يعطيني تدفّقًا محبّبًا في الكتابة، ربّما ما يعيبه هو أنّني لا أصوغ تدوينتي بطريقة عمليّة وموجّهة كأن تكون نصائح مباشرة مثلًا، لكن لا يهمّ فنحن نتكلّم الآن عن كيفية استدامة التّدوين اليومي، إنّها المراسلات.
- الاقتصاد في محتوى التّدوينة الواحدة: فإذا كانت لديك فكرة تدوينة ووجدتِ أنّها تحتوي خمس أفكار مثلًا، أقترح عليكِ من أجل استدامة التدوين اليومي أن تختاري واحدة فقط وتكتبي عنها، لأن سبك التدوينة والمراجعة والتّدقيق سيأخذ وقتًا أطول كلّما طال محتوى التدوينة. لذلك وفّري طاقتك لإخراج تدوينة متماسكة، ورحّلي بقية الأفكار لتدوينة أو تدوينات قادمة.
آمل أن أكون قد أجبت على سؤالك عزيزتي بثينة، وبإذن الله أستكمل بقية حيل الكتابة السريعة اليوميّة.
—————————————————
كانت هذه التدوينة رقم #١٨ من تحدّي ٣٠ يومًا مع الكتابة.
ساعدْني على الاستمرار في التّدوين اليومي بإهدائي سؤالًا حول كتابة المقالات وتحريرها واللغة العربية، لأكتب عنه تدوينة.
ولا تنسَ الاشتراك في نشرتي البريدية في الصفحة الرئيسة من المدوّنة.
أراكم غدًا في التّدوينة القادمة بإذن الله.
2 تعليقات
مريم يا مريم! لا تعلمين كم هي سعادتي و انا اقرأ المقالة الموجهة لي و ارى اسمي و انتي تخاطبيني بكلامك! شعور جميل و كأنني تلقيت رسالة بريدية منك، هل يمكنني ان اتخيل اننا في كتاب من ادب المراسلات؟
احببت طريقتك جداً في استدامة الكتابة، و طريقتك فعلاً تختلف عما افعله انا للإستمرارية، و ما كتبته اضاف لي الكثير، بالأخص الحيلة الثالثة لأنني احياناً اقع في فخ سرد كل ما لدي و هذا يثقل علي الاستمرار في الكتابة لانها تأخذ جهداً و وقتاً اكبر!
شكراً لك و لمقالتك الجميلة يا مريم!
عزيزتي بثينة، كالعادة تسعدني تعليقاتك وسعيدة بأن مقالتي قد أضافت لك شيئًا مفيدًا 🤍